Dreamsouss
أخـي الزائر/أختـي الزائرة أعضـاء المنتـدى يبذلون مجـهودات كبيرة من أجـل إفادتك .فبادر بالتسجيل لافـادتهم أو لشكرهم.ولا تبـق مجرد زائر فقط

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

Dreamsouss
أخـي الزائر/أختـي الزائرة أعضـاء المنتـدى يبذلون مجـهودات كبيرة من أجـل إفادتك .فبادر بالتسجيل لافـادتهم أو لشكرهم.ولا تبـق مجرد زائر فقط
Dreamsouss
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

عصيد وأمازيغية الأصالة والمعاصرة

اذهب الى الأسفل

عصيد وأمازيغية الأصالة والمعاصرة Empty عصيد وأمازيغية الأصالة والمعاصرة

مُساهمة من طرف anwar 2011-04-18, 10:40

عصيد وأمازيغية الأصالة والمعاصرة
عصيد وأمازيغية الأصالة والمعاصرة No
عبدالسلام بنعيسي
Monday, April 18, 2011


تستوقف القارئ في مقال أحمد عصيد الذي نشره تحت عنوان ( إلى دعاة التعريب المطلق متى تصبحون مغاربة) والذي يناقش فيه مقترحات حزب الاستقلال حول الإصلاحات الدستورية، الفقرة التالية: ( لم يكتف الحزب بتحنيط الأمازيغية في خانة "اللغة الوطنية" بل دعا إلى التنصيص في الدستور على أنّ "المغرب جزء من الأمة العربية والإسلامية"، وغاب عنه بأن معضلة المغرب ليست في أن يكون جزءا من شيء آخر ، بل في أن يكون هو ذاته قبل كل شيء).

لنتفق أولا على أن موقف عصيد هذا المناهض لانتماء المغرب إلى محيطه العربي والإسلامي ليس موقفا نضاليا، أي أنه ليس موقفا معارضا ومضادا لمن بيده السلطة والقرار الفعليين في المغرب. ففي بلدنا يوجد لوبي كبير يهيمن على الإدارة والاقتصاد وأجهزة المخابرات يرفض تشبث المغاربة بانتمائهم لمحيطهم العربي والإسلامي ويفضل القطع مع هذا المحيط، لأنه من وجهة نظره، لا يأتينا من المشرق إلا المشاكل، ابتداء بالتدين، ثم التعصب والتطرف، وصولا إلى الإرهاب، ويجسد خطاب الأصالة والمعاصرة حاليا هذا التوجه الداعي للقطع مع المشرق، ويعلن عنه ويسعى لترويجه. فليس حبا في الأمازيغ دعا هذا الحزب السلطوي إلى جعل الأمازيغية لغة رسمية للبلاد في الإصلاح الدستوري المرتقب، وإنما تم الأمر من منطلق النكاية في العرب والعربية..

فإذن أراد عصيد أم لم يرد ذلك، فإنه ليس معارضا أو ثوريا أو مغردا خارج السرب في خطابه الداعي إلى إحداث قطيعة بين المغرب والمشرق، إنه يعيد إنتاج ذات الخطاب الذي تنتجه السلطة المقررة حقا في المغرب، وليس الحكومة التي تبدو لنا في الواجهة وينحصر عملها في أداء المهام البروتوكولية وتلقي الصفعات من طرف الرأي العام عن عجزها وفشلها في إدارة وحل أزمات ومشاكل المجتمع، رغم أن لا سلطة عملية بيديها.

إذا تجاوزنا هذه الملاحظة، فإننا لا نفهم ماذا يضر عصيد في قول حزب الاستقلال إن المغرب جزء من الأمة العربية والإسلامية؟ هل يعتبر هذا القول سبة أو جريمة يتعين معاقبة كل من يتفوه بها؟ أليست وجهة نظر يحق للحزب الإعلان عنها والتمسك بها؟ لماذا يريد محاسبته على ذلك؟ أن يكون المغرب جزءا من الأمة العربية والإسلامية هل ينفي ويلغي عنه أن يكون هو ذاته قبل كل شيء، كما يطالب عصيد بذلك؟ هذا أمر مستبعد. العمل من أجل الانتماء إلى محيط واسع، كما تقوم بذلك جميع دول العالم المعاصر التي تنخرط في تكتلات اقتصادية وسياسية إقليمية ودولية كبرى، لا يؤثر سلبا على الأواصر الوطنية ولا يلغيها، بل يؤدي إلى تقويتها وصهرها بالمساعدة على التغلب على المشاكل التي تعاني منها كل دولة على حده.

إنما الملفت هو أن حزب الاستقلال يكتفي بالدعوة إلى أن يكون المغرب جزءا من محيطه العربي والإسلامي، مع الاحتفاظ بكل مقوماته وخصوصياته التي تميزه، ومع الحرص على تمسكه باستقلال المغرب ووحدته، وبكل الرموز التي تشير إلى هذا الاستقلال وتفخر به، وعلى رأسها العلم والنشيد الوطنيين، في حين نلاحظ أن أفرادا من جمعيات أمازيغية في التظاهرات التي ننظمها كمغاربة من أجل قضايا تهمنا نحن في الدرجة الأولى لا يرفعون، هم لوحدهم، العلم الوطني، وإنما يتدثرون بالأعلام القبايلية الوافدة من جمعيات أمازيغية جزائرية، ولا يبدو على عصيد أنه يتضايق من مثل هذا التصرف، بدليل أننا لم نقرأ له سابقا أي مقال يعاتب، مجرد عتاب، رفاقه على حملهم لأعلام أجنبية في مسيرات وطنية !!

واضح أن عصيد ينتشي بهذا السلوك ويتلذذ به، ولذلك فإنه حين يناهض كل من يدعو إلى جعل المغرب جزءا من محيطه العربي، فإنه لا يقوم بذلك بدافع الحرص على ( أن يكون المغرب هو ذاته قبل كل شيء). إنه ضد انتماء المغرب لفضائه المشرقي لأنه يريد للمغرب الانتماء إلى الفضاء الأمازيغي الموجود قيد التشكل، وفقا لتصوراته، والذي سيكون ممتدا من جزر الكناري وصولا إلى مصر، مرورا بشمال النيجر وتشاد. المغرب الموجود حاليا بامتداده العربي والإسلامي يتعين تدمير الأسس النظرية والواقعية التي بُني عليها تاريخيا، لإنشاء بديل عنه يكون أمازيغيا خالصا ومتخلصا من أدران العرب والإسلام، وبعيدا عنهم ورافضا لهم !!

المغاربة بعربهم وأمازيغييهم يتوجهون خمس مرات في اليوم صوب المشرق لأداء صلواتهم، ويقصدون الديار المقدسة لأداء فريضة الحج والعمرة، وكان لديهم حي في القدس يسمى حي المغاربة نتيجة جهادهم في الزمن الغابر في فلسطين، ولقد خاض المغاربة الحرب العربية الإسرائيلية وشاركوا فيها سنة 73، ولديهم مقبرة خاصة بالشهداء في سورية تضم الرفات الطاهرة للضباط والجنود الذين استشهدوا في الميدان دفاعا عن أشقائهم العرب، وفي المغرب تم عقد أغلب مؤتمرات القمة العربية التي اتخذت قرارات حاسمة في مسار الصراع العربي الإسرائيلي، وفي المغرب تم تأسيس منظمة المؤتمر الإسلامي على إثر حرق المسجد الأقصى، والمغرب عضو فاعل في جامعة الدول العربية. وفي المغرب تخرج بشكل تلقائي المظاهرات المليونية التي تساند المقاومة في العراق وفي فلسطين وفي لبنان.. ولذلك فإن القول بانتماء المغرب إلى محيطه العربي والإسلامي ليس إلا إقرارا بأمر واقع. ولا يشكل ذلك ولا يلحق في حد ذاته أي أذى بالمكون الأمازيغي المغربي.

لنتصور أن المغرب انكفأ على ذاته وانسحب من الجامعة العربية ومن منظمة المؤتمر الإسلامي، وقرر كما يدعو إلى ذلك عصيد أن يكون ( هو ذاته قبل كل شيء)، ألا يكون بذلك قد اختار الانتحار السياسي؟ لنفترض أن السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي ومعهم مصر وسوريا والأردن قرروا مجتمعين معاقبة المغرب على انسحابه من جامعة الدول العربية بالاعتراف بالجمهورية الصحراوية المزعومة، وجارتهم في ذلك دول إسلامية مثل إيران وباكستان وماليزيا، وأصبحت هذه الدول تقدم الدعم المالي والسياسي والإعلامي والعسكري لفائدة جبهة البوليساريو، ألا يمكن أن تضيع الأقاليم الصحراوية من المغرب؟ ألن يشكل هذا الأمر في حده الأدنى هدية مجانية لخصوم وحدتنا الترابية، وعزلة قاتلة للمغرب قد تستغلها الجزائر وتحلبها إلى أقصى حد؟؟

المجال الوحيد الذي فشلت فيه الجزائر ولم تجد منفذا لولوجه كان هو المجال العربي. فلحد الآن ليس هنالك ولو دولة عربية واحدة، باستثناء الجزائر، تقيم علاقة ما بجبهة البلولساريو. جميع الدول العربية تساند المغرب، وتدعم وحدته الترابية، بل لولا الدعم السعودي السخي للمغرب في السبعينات، لكان الوضع في الصحراء ربما مختلفا عما هو عليه الآن. فلمصلحة من يتضايق عصيد من الدعوة إلى أن يكون المغرب جزءا من محيطه العربي والإسلامي؟ هل الاعتبارات العرقية يضعها فوق المصلحة الوطنية العليا؟ هل هي المزايدات اللفظية لخلق الحواريين باستدرار تعاطف بعض الشباب الأمازيغي المنفعل والمتوتر بسبب البطالة؟ في جميع الأحوال فالبطالة يعاني منها معظم الشباب المغربي باختلاف مكوناته العرقية وليست أمرا خاصا بالأمازيغ لتوظيفه بهذا الشكل البشع.

إذا كان عصيد يرفض الانتماء العربي ويراهن في حفاظ المغرب على الوحدة الترابية على فرنسا أو إسبانيا أو الولايات المتحدة الأمريكية، فلا شك أنه يراهن على الحصان الخاسر. شعار هذه الدول هو تجزئة المجزأ وتفتيت المفتت، ولولا صمود الشعب المغربي واستماتته في الدفاع عن أرضه مؤازرا بأشقائه وذويه، لكانت هذه الدول مبادرة إلى رفع الغطاء عنه، وإجباره على التخلي عن أقاليمه الصحراوية. تمسك المغرب بكونه جزءا من محيطه العربي والإسلامي يخدم المغرب وفي مصلحته وليس العكس.

عنوان مقال عصيد هو: إلى دعاة التعريب المطلق متى تصبحون مغاربة؟ بالنسبة لكاتب المقال فإن الدعوة إلى التعريب ليست وجهة نظر يتعين أن تناقش ويؤخذ منها ويرد، بالنسبة له من يتبنى هذه الدعوة ويجهر بها، فإنه ليس مغربيا، وينتظر منه التخلي عنها لكي يصبح مغربيا ! لم يكتف الكاتب بوصم أصحاب هذه الدعوة بمختلف النعوت المخلة بآدميتهم، بل إنه يصل إلى حد تجريدهم من جنسيتهم المغربية ! والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو ماذا عمن يدعون إلى التمزيغ المطلق؟ هؤلاء بطبيعة الحال هم الذين يعتبرون في نظر عصيد مغاربة ! فلقد اعتبر في واحد من مقالاته السابقة أن تقديم وصلات موسيقية أندلسية في شاشة القناة الأولى بمناسبة الأعياد الدينية اعتداء رمزي على الأمازيغ أصحاب الأرض الأصليين، أي أن وجود المغاربة من أصل أندلسي في بلادنا يشكل عدوانا ماديا على عصيد، والحل طبعا قد يكون هو الإبادة أو التهجير، في ما لو توفرت الوسائل والإمكانيات !!

أما بخصوص الدعوة إلى اعتبار اللغة الأمازيغية لغة رسمية طبقا للإصلاحات الدستورية المرتقبة، فهذا اقتراح ليس هناك اعتراض مبدئي عليه، وإنما يتعين تحديد ما هي اللغة الأمازيغية المقصودة؟ إذا كان المراد هو اللغة المعيارية التي يتم إعدادها في المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، فهذه لغة مختبرية ومحنطة وليست إلا كيانا مسخا، لا علاقة له بالواقع الاجتماعي. إنها لغة لن يتخاطب بها المواطنون المعنيون افتراضا بها، لأنه لا يمكنهم ترك لغتهم المحلية التي درجوا عليها، وتجسد مشاعرهم وأحاسيسهم، وتعبر تاريخيا أصدق تعبير عن واقعهم المعاش، ليستعيروا لغة هيأها لهم في المكاتب المكيفة، فلان وعلان وفرتلان لأسباب ودوافع مجهولة.

قضية اللغة الأمازيغية قضية حساسة جدا. إنها الوعاء الذي سيحدد نمط الفكر وبالتالي نمط المجتمع الذي نريد بناءه والعيش فيه استقبالا. ولذلك يتعين التعامل معها على أساس أنها قضية وطنية يجب إسناد مهمة الحسم فيها إلى أناس يكونون أهل ثقة ومبعث اطمئنان من طرف جميع المغاربة لكي ينكبوا عليها ويقدمون في شأنها التصور الذي يلائم جميع المغاربة. هذه قضية محورية لا يجوز أن تسند إدارة شؤونها والحسم فيها إلى مجموعة من المؤدلجين، هاجسهم الرئيسي هو ضرب كل ما هو عربي في المغرب، وبث عناصر الفرقة بين أبناء الوطن الواحد.

الحكومة التي ستأتي بعد الانتخابات التي تعقب الإصلاحات الدستورية، يفترض أنها ستكون حكومة منبثقة من انتخابات حرة وشفافة ونزيهة وتعكس إرادة المجتمع المغربي، وتمتلك شرعية الحسم في قضاياه الخلافية، هذه الحكومة هي التي يتعين عليها إعادة النظر في كيفية تعامل المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية مع موضوع اللغة المعيارية التي ابتدعها، وهل كان هذا التعامل سليما ومهنيا وموضوعيا، أم كانت تتحكم فيه الأهواء والنزوات المغرضة، وفي ظل النتائج التي سيتم التوصل إليها، يمكن الحديث عن تعديل دستوري يرسم اللغة الأمازيغية التي سنتفق حولها.

اللغة المعيارية الحالية نتاج لنمط من التفكير ساد في المغرب في اللحظة التي هيمن فيها حزب الأصالة والمعاصرة على الساحة السياسية المغربية وأصبح يتصرف منفردا في شؤون وقضايا المغرب بارتجال وعشوائية، لذلك لا يمكن الاطمئنان إلى ما تم استصداره من قرارات كان هذا الحزب، بطريقة من الطرق، يشرف على طبخها. لقد كنا أمام حزب يتصرف بعقلية الحزب الوحيد. الكثير مما صدر في فترة هيمنته يتطلب إعادة القراءة والمراجعة، وعلى رأس ذلك ما يسمى باللغة المعيارية الأمازيغية.


عصيد وأمازيغية الأصالة والمعاصرة No


تستوقف القارئ في مقال أحمد عصيد الذي نشره تحت عنوان ( إلى دعاة التعريب المطلق متى تصبحون مغاربة) والذي يناقش فيه مقترحات حزب الاستقلال حول الإصلاحات الدستورية، الفقرة التالية: ( لم يكتف الحزب بتحنيط الأمازيغية في خانة "اللغة الوطنية" بل دعا إلى التنصيص في الدستور على أنّ "المغرب جزء من الأمة العربية والإسلامية"، وغاب عنه بأن معضلة المغرب ليست في أن يكون جزءا من شيء آخر ، بل في أن يكون هو ذاته قبل كل شيء).

لنتفق أولا على أن موقف عصيد هذا المناهض لانتماء المغرب إلى محيطه العربي والإسلامي ليس موقفا نضاليا، أي أنه ليس موقفا معارضا ومضادا لمن بيده السلطة والقرار الفعليين في المغرب. ففي بلدنا يوجد لوبي كبير يهيمن على الإدارة والاقتصاد وأجهزة المخابرات يرفض تشبث المغاربة بانتمائهم لمحيطهم العربي والإسلامي ويفضل القطع مع هذا المحيط، لأنه من وجهة نظره، لا يأتينا من المشرق إلا المشاكل، ابتداء بالتدين، ثم التعصب والتطرف، وصولا إلى الإرهاب، ويجسد خطاب الأصالة والمعاصرة حاليا هذا التوجه الداعي للقطع مع المشرق، ويعلن عنه ويسعى لترويجه. فليس حبا في الأمازيغ دعا هذا الحزب السلطوي إلى جعل الأمازيغية لغة رسمية للبلاد في الإصلاح الدستوري المرتقب، وإنما تم الأمر من منطلق النكاية في العرب والعربية..

فإذن أراد عصيد أم لم يرد ذلك، فإنه ليس معارضا أو ثوريا أو مغردا خارج السرب في خطابه الداعي إلى إحداث قطيعة بين المغرب والمشرق، إنه يعيد إنتاج ذات الخطاب الذي تنتجه السلطة المقررة حقا في المغرب، وليس الحكومة التي تبدو لنا في الواجهة وينحصر عملها في أداء المهام البروتوكولية وتلقي الصفعات من طرف الرأي العام عن عجزها وفشلها في إدارة وحل أزمات ومشاكل المجتمع، رغم أن لا سلطة عملية بيديها.

إذا تجاوزنا هذه الملاحظة، فإننا لا نفهم ماذا يضر عصيد في قول حزب الاستقلال إن المغرب جزء من الأمة العربية والإسلامية؟ هل يعتبر هذا القول سبة أو جريمة يتعين معاقبة كل من يتفوه بها؟ أليست وجهة نظر يحق للحزب الإعلان عنها والتمسك بها؟ لماذا يريد محاسبته على ذلك؟ أن يكون المغرب جزءا من الأمة العربية والإسلامية هل ينفي ويلغي عنه أن يكون هو ذاته قبل كل شيء، كما يطالب عصيد بذلك؟ هذا أمر مستبعد. العمل من أجل الانتماء إلى محيط واسع، كما تقوم بذلك جميع دول العالم المعاصر التي تنخرط في تكتلات اقتصادية وسياسية إقليمية ودولية كبرى، لا يؤثر سلبا على الأواصر الوطنية ولا يلغيها، بل يؤدي إلى تقويتها وصهرها بالمساعدة على التغلب على المشاكل التي تعاني منها كل دولة على حده.

إنما الملفت هو أن حزب الاستقلال يكتفي بالدعوة إلى أن يكون المغرب جزءا من محيطه العربي والإسلامي، مع الاحتفاظ بكل مقوماته وخصوصياته التي تميزه، ومع الحرص على تمسكه باستقلال المغرب ووحدته، وبكل الرموز التي تشير إلى هذا الاستقلال وتفخر به، وعلى رأسها العلم والنشيد الوطنيين، في حين نلاحظ أن أفرادا من جمعيات أمازيغية في التظاهرات التي ننظمها كمغاربة من أجل قضايا تهمنا نحن في الدرجة الأولى لا يرفعون، هم لوحدهم، العلم الوطني، وإنما يتدثرون بالأعلام القبايلية الوافدة من جمعيات أمازيغية جزائرية، ولا يبدو على عصيد أنه يتضايق من مثل هذا التصرف، بدليل أننا لم نقرأ له سابقا أي مقال يعاتب، مجرد عتاب، رفاقه على حملهم لأعلام أجنبية في مسيرات وطنية !!

واضح أن عصيد ينتشي بهذا السلوك ويتلذذ به، ولذلك فإنه حين يناهض كل من يدعو إلى جعل المغرب جزءا من محيطه العربي، فإنه لا يقوم بذلك بدافع الحرص على ( أن يكون المغرب هو ذاته قبل كل شيء). إنه ضد انتماء المغرب لفضائه المشرقي لأنه يريد للمغرب الانتماء إلى الفضاء الأمازيغي الموجود قيد التشكل، وفقا لتصوراته، والذي سيكون ممتدا من جزر الكناري وصولا إلى مصر، مرورا بشمال النيجر وتشاد. المغرب الموجود حاليا بامتداده العربي والإسلامي يتعين تدمير الأسس النظرية والواقعية التي بُني عليها تاريخيا، لإنشاء بديل عنه يكون أمازيغيا خالصا ومتخلصا من أدران العرب والإسلام، وبعيدا عنهم ورافضا لهم !!

المغاربة بعربهم وأمازيغييهم يتوجهون خمس مرات في اليوم صوب المشرق لأداء صلواتهم، ويقصدون الديار المقدسة لأداء فريضة الحج والعمرة، وكان لديهم حي في القدس يسمى حي المغاربة نتيجة جهادهم في الزمن الغابر في فلسطين، ولقد خاض المغاربة الحرب العربية الإسرائيلية وشاركوا فيها سنة 73، ولديهم مقبرة خاصة بالشهداء في سورية تضم الرفات الطاهرة للضباط والجنود الذين استشهدوا في الميدان دفاعا عن أشقائهم العرب، وفي المغرب تم عقد أغلب مؤتمرات القمة العربية التي اتخذت قرارات حاسمة في مسار الصراع العربي الإسرائيلي، وفي المغرب تم تأسيس منظمة المؤتمر الإسلامي على إثر حرق المسجد الأقصى، والمغرب عضو فاعل في جامعة الدول العربية. وفي المغرب تخرج بشكل تلقائي المظاهرات المليونية التي تساند المقاومة في العراق وفي فلسطين وفي لبنان.. ولذلك فإن القول بانتماء المغرب إلى محيطه العربي والإسلامي ليس إلا إقرارا بأمر واقع. ولا يشكل ذلك ولا يلحق في حد ذاته أي أذى بالمكون الأمازيغي المغربي.

لنتصور أن المغرب انكفأ على ذاته وانسحب من الجامعة العربية ومن منظمة المؤتمر الإسلامي، وقرر كما يدعو إلى ذلك عصيد أن يكون ( هو ذاته قبل كل شيء)، ألا يكون بذلك قد اختار الانتحار السياسي؟ لنفترض أن السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي ومعهم مصر وسوريا والأردن قرروا مجتمعين معاقبة المغرب على انسحابه من جامعة الدول العربية بالاعتراف بالجمهورية الصحراوية المزعومة، وجارتهم في ذلك دول إسلامية مثل إيران وباكستان وماليزيا، وأصبحت هذه الدول تقدم الدعم المالي والسياسي والإعلامي والعسكري لفائدة جبهة البوليساريو، ألا يمكن أن تضيع الأقاليم الصحراوية من المغرب؟ ألن يشكل هذا الأمر في حده الأدنى هدية مجانية لخصوم وحدتنا الترابية، وعزلة قاتلة للمغرب قد تستغلها الجزائر وتحلبها إلى أقصى حد؟؟

المجال الوحيد الذي فشلت فيه الجزائر ولم تجد منفذا لولوجه كان هو المجال العربي. فلحد الآن ليس هنالك ولو دولة عربية واحدة، باستثناء الجزائر، تقيم علاقة ما بجبهة البلولساريو. جميع الدول العربية تساند المغرب، وتدعم وحدته الترابية، بل لولا الدعم السعودي السخي للمغرب في السبعينات، لكان الوضع في الصحراء ربما مختلفا عما هو عليه الآن. فلمصلحة من يتضايق عصيد من الدعوة إلى أن يكون المغرب جزءا من محيطه العربي والإسلامي؟ هل الاعتبارات العرقية يضعها فوق المصلحة الوطنية العليا؟ هل هي المزايدات اللفظية لخلق الحواريين باستدرار تعاطف بعض الشباب الأمازيغي المنفعل والمتوتر بسبب البطالة؟ في جميع الأحوال فالبطالة يعاني منها معظم الشباب المغربي باختلاف مكوناته العرقية وليست أمرا خاصا بالأمازيغ لتوظيفه بهذا الشكل البشع.

إذا كان عصيد يرفض الانتماء العربي ويراهن في حفاظ المغرب على الوحدة الترابية على فرنسا أو إسبانيا أو الولايات المتحدة الأمريكية، فلا شك أنه يراهن على الحصان الخاسر. شعار هذه الدول هو تجزئة المجزأ وتفتيت المفتت، ولولا صمود الشعب المغربي واستماتته في الدفاع عن أرضه مؤازرا بأشقائه وذويه، لكانت هذه الدول مبادرة إلى رفع الغطاء عنه، وإجباره على التخلي عن أقاليمه الصحراوية. تمسك المغرب بكونه جزءا من محيطه العربي والإسلامي يخدم المغرب وفي مصلحته وليس العكس.

عنوان مقال عصيد هو: إلى دعاة التعريب المطلق متى تصبحون مغاربة؟ بالنسبة لكاتب المقال فإن الدعوة إلى التعريب ليست وجهة نظر يتعين أن تناقش ويؤخذ منها ويرد، بالنسبة له من يتبنى هذه الدعوة ويجهر بها، فإنه ليس مغربيا، وينتظر منه التخلي عنها لكي يصبح مغربيا ! لم يكتف الكاتب بوصم أصحاب هذه الدعوة بمختلف النعوت المخلة بآدميتهم، بل إنه يصل إلى حد تجريدهم من جنسيتهم المغربية ! والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو ماذا عمن يدعون إلى التمزيغ المطلق؟ هؤلاء بطبيعة الحال هم الذين يعتبرون في نظر عصيد مغاربة ! فلقد اعتبر في واحد من مقالاته السابقة أن تقديم وصلات موسيقية أندلسية في شاشة القناة الأولى بمناسبة الأعياد الدينية اعتداء رمزي على الأمازيغ أصحاب الأرض الأصليين، أي أن وجود المغاربة من أصل أندلسي في بلادنا يشكل عدوانا ماديا على عصيد، والحل طبعا قد يكون هو الإبادة أو التهجير، في ما لو توفرت الوسائل والإمكانيات !!

أما بخصوص الدعوة إلى اعتبار اللغة الأمازيغية لغة رسمية طبقا للإصلاحات الدستورية المرتقبة، فهذا اقتراح ليس هناك اعتراض مبدئي عليه، وإنما يتعين تحديد ما هي اللغة الأمازيغية المقصودة؟ إذا كان المراد هو اللغة المعيارية التي يتم إعدادها في المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، فهذه لغة مختبرية ومحنطة وليست إلا كيانا مسخا، لا علاقة له بالواقع الاجتماعي. إنها لغة لن يتخاطب بها المواطنون المعنيون افتراضا بها، لأنه لا يمكنهم ترك لغتهم المحلية التي درجوا عليها، وتجسد مشاعرهم وأحاسيسهم، وتعبر تاريخيا أصدق تعبير عن واقعهم المعاش، ليستعيروا لغة هيأها لهم في المكاتب المكيفة، فلان وعلان وفرتلان لأسباب ودوافع مجهولة.

قضية اللغة الأمازيغية قضية حساسة جدا. إنها الوعاء الذي سيحدد نمط الفكر وبالتالي نمط المجتمع الذي نريد بناءه والعيش فيه استقبالا. ولذلك يتعين التعامل معها على أساس أنها قضية وطنية يجب إسناد مهمة الحسم فيها إلى أناس يكونون أهل ثقة ومبعث اطمئنان من طرف جميع المغاربة لكي ينكبوا عليها ويقدمون في شأنها التصور الذي يلائم جميع المغاربة. هذه قضية محورية لا يجوز أن تسند إدارة شؤونها والحسم فيها إلى مجموعة من المؤدلجين، هاجسهم الرئيسي هو ضرب كل ما هو عربي في المغرب، وبث عناصر الفرقة بين أبناء الوطن الواحد.

الحكومة التي ستأتي بعد الانتخابات التي تعقب الإصلاحات الدستورية، يفترض أنها ستكون حكومة منبثقة من انتخابات حرة وشفافة ونزيهة وتعكس إرادة المجتمع المغربي، وتمتلك شرعية الحسم في قضاياه الخلافية، هذه الحكومة هي التي يتعين عليها إعادة النظر في كيفية تعامل المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية مع موضوع اللغة المعيارية التي ابتدعها، وهل كان هذا التعامل سليما ومهنيا وموضوعيا، أم كانت تتحكم فيه الأهواء والنزوات المغرضة، وفي ظل النتائج التي سيتم التوصل إليها، يمكن الحديث عن تعديل دستوري يرسم اللغة الأمازيغية التي سنتفق حولها.

اللغة المعيارية الحالية نتاج لنمط من التفكير ساد في المغرب في اللحظة التي هيمن فيها حزب الأصالة والمعاصرة على الساحة السياسية المغربية وأصبح يتصرف منفردا في شؤون وقضايا المغرب بارتجال وعشوائية، لذلك لا يمكن الاطمئنان إلى ما تم استصداره من قرارات كان هذا الحزب، بطريقة من الطرق، يشرف على طبخها. لقد كنا أمام حزب يتصرف بعقلية الحزب الوحيد. الكثير مما صدر في فترة هيمنته يتطلب إعادة القراءة والمراجعة، وعلى رأس ذلك ما يسمى باللغة المعيارية الأمازيغية.
anwar
anwar
عضو
عضو

احترام قوانين المنتدى : عصيد وأمازيغية الأصالة والمعاصرة 221010
عدد المساهمات : 460
نقاط التمييز : 2314
تاريخ التسجيل : 26/01/2011
الموقع : MAROC

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى